هل الفتوى تتغير باختلاف الزمان والمكان؟

السلام عليكم
ورحمة الله وبركاته

فضيلة الشيخ عبد الرحمن
السحيم هل الفتوى تتغير باختلاف الزمان والمكان؟وما الضابط في المسألة؟ أرجو
التوضيح مع البسط بقدر المستطاع

وجزاك الله خير

وأجاب الشيخ عبد الرحمن السحيم عنها بقوله
:

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله
وبركاته

وجزاك الله خيراً .

لا يُمكن أن يكون الواقع مَصدر أحكام، وإنما قد يُجتَهد لإصدار أحكام تُناسب الواقع، وهو ما يُعرف عند
العلماء بـ " الـنَّوازِل ".

أما أحكام
الإسلام فهي ثابتة لا تتغيّر بتغيّر زمان ولا مكان ، وإنما
يتغيّر اجتهاد المجتهد ، وتتغيّر الفتوى بحسب تغيّر الزمان
.

وكان من سياسة عمر رضي الله عنه
مُراعاة الحال والزمان دون إخلال بأحكام الله
.

وعلى سبيل المثال: حُكم الصلاة لا
يَتغيّر في سَفر ولا في حضر عما كان عليه في زمن النبي صلى الله عليه
وسلم.

وحُكم الزنا أو الخمر لا يَتغيّر
عما كان عليه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم
.

وإنما الذي يتغيّر ما يَجِدّ في
حياة الناس أو يَحتاج إلى اجتهاد، كالنّوازِل التي تَنْزِل بالناس، أو اختلاف
الحال، فتتغيّر فتوى المفتي أو اجتهاد
المجتهد.

وهذه لا يُمكن أن يُقال عنها:
تغيّر أحكام الإسلام، وإنما تغيّر فتوى المفتي أو اجتهاد
المجتهد.

وهذا أيضا ليس لِكلّ أحد ، بل هو
لأهل العلم الذين يَبْنُون تلك الاجتهادات على أصول وقواعد ثابتة
.

أما أحكام الإسلام فهي ثابتة لا تتغيّر مهما تغيّر الزمان
أو المكان ، ذلك لأنها صالحة لِكلّ زمان ومكان
.

فتغيّر الزمان لا يُمكن أن يُحلِّل
الحرام ، ولا أن يُحرِّم الْحَلال ؛ لأن هذه أحكام ثابتة لا تتغيّر
.

كما أن تغيّر الفتوى لا يُمكن أن
يُقال به على إطلاقه، فلا يُقال بِتغيّر كلّ فتوى ، فإنك لو نَظَرتَ في فتاوى
الصحابة لَوجدت أنها صالحة لكل زمان ومكان ، ومثلها فتاوى العلماء قديماً ؛ فإنها
تَصلح لكل زمان .

فلو نظرت مثلا في فتاوى ابن الصَّلاح أو شيخ الإسلام ابن تيمية ابن تيمية أو
غيرهم ممن دُوِّنت لهم فتاوى ؛ لَوَجدت أنها صالحة لزماننا هذا ، فضلا عما قبله
.

ويَحتاج المفتي في مثل زماننا هذا
إلى أن يَرجع إلى فتاوى العلماء وإلى ما قرّروه وأصّلوه ليَبني عليها الفتوى في ما
يَجِدّ ويَنْزِل بالناس.

وعلى سبيل المثال : الصلاة في الطائرة ، هذه مسألة جديدة ، إلا أن العلماء تناولوها
بالبحث وتَكلّموا عن مثل الصلاة في الأرجوحة
!

ففي كُتب الفقه: " إذا كانت
الراحلة واقفة فعند الشافعي تَصِحّ الصلاة للفريضة كما تَصِحّ عندهم في الأرجوحة
المشدودة بالحبال ، وعلى السرير المحمول على الرِّجَال إذا كانوا واقفين
"

وما مِن مسألة إلا وأصلها في كتاب الله وفي
سُنّة رسوله صلى الله عليه وسلم ، نَصًّا أو استنباطا
.

قال الشيخ محمد بن إبراهيم -
رحمه الله - مفتي الديار السعودية سابقاً
:

وحُكْمُ الله ورسوله لا يختلف في ذاته باختلاف الأزمان
وتطوّر الأحوال وتجدّد الحوادث ،

فإنه ما من
قضية كائنة ما كانت إلا وحكمها في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه
وسلم نصاً أو ظاهراً أو استنباطاً ، أو غير ذلك ، عَلِم ذلك من عَلِمَه وجَهِله من
جَهِله .

وليس معنى ما ذكره العلماء من تَغَيّر
الفتوى بتغير الأحوال ما ظنه مَن قَلّ نصيبهم - أو عُدِم - مِن معرفة مدارك الأحكام
وعللها حيث ظنوا أن معنى ذلك بحسب ما يلائم إرادتهم الشهوانية البهيمية وأغراضهم
الدنيوية وتصوراتهم الخاطئة الوَبِـيّـة
،

ولهذا تجدهم يُحَامُون عليها ، ويجعلون النصوص تابعة لها منقادة إليها
مهما أمكنهم ، فيُحَرّفون لذلك الكَلِم عن مواضعه ،

وحينئذ مَعنى تَغَيّر الفتوى بتغير
الأحوال والأزمان مُراد العلماء منه ما كان مُسْتَصْحَبة فيه الأصول الشرعية
والعِلل المرعية ، والمصالح التي جِنسها مُراد لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم
،

ومِن المعلوم أن أرباب القوانين الوضعية عن ذلك بِمَعْزَل ، وأنهم لا يُعَوّلون
إلاّ على ما يلائم مراداتهم كائنة ما كانت ، والواقع أصدق شاهد . اهـ
.

والله تعالى أعلم

بسم الله المنان والصلاة على نبي اخر الازمان وبعد
تحية اليك ايها الاخ الكريم الفاضل على ما وفقت من نقل فاجدت -بارك الله فيك-وجعل الله كل هذا في ميزان حسناتك والشيخ ، انه- الله- ولينا ونعم الوكيل
فقد تبين من المقال المقصد الشرعي والمفهوم الصحي للمقولة المتداولة بين الاكثرين ، التي ما فقهها الا العالمون ، وهو ان الفتوى تتغير بتغير الازمنة والامكنة اذا نزلت النوازل وتغيرت بالديار الاحوال وحلت الحوائل..حينها صار لزاما على أهل الاجتهاد من أهل الذكر ان يعملوا الفكر في المحكم من الكتاب والمتشابه منه ،وان يصولوا بفقههم الذي وفقهم الله اليه في السنن الثابتات والهدي السليم الموثق فيخرجوا للناس ما تشابه عليهم من الاحكام فان الله تعالى يقول "ما فرطنا في الكتاب من شيء"
فان وفقنا الله تعالى لفهم هذا الكلام تجنبنا الوقوع فيما وقع في الهالكون ممن ارادوا بكلمة الحق هاته احقاق الباطل واثبات الهوى والتشريع بغير ما انزل الله تعالى
يقولون "ان الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان" فيقصدون الرد على الائمة الاعلام ومن قبلهم من التابعين الكرام و من قبلهم من الصحابة الاخيار و ربما قصدوا ذات النبي المختار فيقولون "هم رجال ونحن رجال" ويقولون "ذاك زمان قد ولى وهذا زمان قد حل"
حتى ان احدهم وهو من المحسوبين على الدعوة الاسلامية في بلاد الله الواسعة سئل : مالك ترغب عن الزي الاسلامي الى الزي الاوروبي (فانه كان يرتدي البدلة الاوروبية مع ربطة العنق) فقال في معرض جوابه: وما الحرج من ذلك فلو ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان حيا في هذا الزمان لارتدى البدلة الاوروبية ..خاب وخسر المسكين غفر الله لنا وله اجمعين
فان هذا المغرور سامحه الله فقه ان الفتاوى والاحكام تتغير بتغير الزمان والمكان فحمله فهمه السقيم العليل الى اعتقاد ان النبي عليه الصلاة والسلام لو كان حيا في زماننا لغير من بعض الاحكام والثوابت لتوافق العصر -بزعمه- وهذا باطل ولا ريب
فانه وكما اشار الاخ الفاضل من مقال وفتوى الشيخ السمح " السحيم"فان احكام الشريعة لا تتغير ولا تتبدل مهما طال الزمان او قصر لانها صالحة لكل زمان ومكان
ولكن الفتاوى نعم وهي ظرفية مؤقتة بزمانها مربوطة لحالها لا تتعداه لغيرها
ومن هذا القبيل اذكر على سبيل المثال مسالة الخاص والعام فكم من حكم عام يخص كل المؤمنين تجد ما قد تظن انه يعارضه في الخاص ومن ذلك ان النبي عليه الصلاة والسلام نهانا عن الشرب وقوفا لكنه شرب واقفا ونهانا عن التبول وقوفا لكنه عليه الصلاة والسلام تبول واقفا ونهانا عن الوصال في الصوم -وهو ان نصوم يومين متتابعين -لكنه واصل في صومه واخبرنا ان النوم يفسد الوضوء فاذا نام احدنا بعد العشاء فافاق قبيل الفجر عليه ان يعيد الوضوء لكنه ما اعاده وهكذا ..
فهنا يبدوا للناظر ابتداء ان هناك تباينا واختلافا الا ان الامر غير ذلك
وكل الامر ان الحكم العام هو لكل المؤمنين وان الثاني الذي اتاه النبي في ذاته هو خاص بشخصه الكريم دون غيره
وهكذا وعلى هذا المنوال يمكننا ان نفهم مقصود الاخ من مقاله والشيخ من فتواه
ولعل اصرح بيان واوضح مثال على هذه المسالة هي فتوى ابن عباس رضي الله عنهما حينما اتاه الرجلان -على مرحلتين- يستفتيانه في التوبة من القتل
فاجاب الاول ب: نعم
واجاب الثاني ب: لا
ومعنى ذلك ان الاول يمكنه التوبة من القتل وان الثاني لا توبة له
فلما روجع في المسالة قال : اما الاول فقد قتل -يعني منذ زمن- وهو يريد التوبة افنحول بينه وبينها ؟
واما الثاني فانه ينوي القتل -بمعنى انه لما يرتكب القتل بعد- افنعينه عليه ؟
فانظر رحمك الله كيف تغيرت الفتوى بتغير الحال وهكذا قد تتغير بتغير الزمان والمكان وما اورده الشيخ وذكره الاخ في المقال اعلاه من الامثلة ما يكفي وزيادة
ولم اكن ابغي التعقيب فلست -والله- أهلا له وانما اردت الايضاح .
فان وفقت فمن الله وحده ، وان خذلت فمن نفسي والشيطان
واستغفر الله واتوب اليه
تقبلوا مروري وتحياتي
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيك اخي الغالي المستنصر بالله واشكرا جداااا على مرورك على موضوعي

وتعقيب عليه بارك الله فيك أخي وجزاك الله كل خير